الصدقة تمنع الا.ذي
صليت فعلاً، وبعد الصلاة جاء أحد الإخوة من الصف الثالث ، يلبس طقم ومعطف طويل، يبدو عليه ملامح الثراء وأنه من علية القوم، ما شاء الله !!
فسلّم عليّ بحرارة وقال : كيف حالك يا مولانا ؟
أنا أتابع برنامجك ودروسك، وسبحان الله قد اشتريت هذه الشقة أمام المسجد من فترة قصيرة، ولعله نصيبي أن أراك وأسلم عليك .
قلت له : أهلاً وسهلاً بك، وبارك الله لك .
قال : يا مولانا، أنا ربنا أكرمني كرماً لا حدود له، كان عندي مصنع بلاستيك وفتحت واحد ثاني، والحمد لله ربنا فتح عليّ، وكنت قد جمعت زكاة ما تعادل ( 15400 جنيه ) !!
وقبل أن يكمل كلامه، قاطعته ببكائي واقشعر جسمي كله !!
نفس الرقم أيها الأخوة والأخوات، والله الذي لا إلا هو، نفسه بالجنيه !!
الناس في المسجد استغربوا ولم يعرفوا ما الذي يحصل ؟!!
خاصةً أني بدأت أنظر في وجوههم وأنا أبحث بعيني على الرجل الذي قابلته أول الليل !!
الرجل التاجر استغرب وهو يقول لي : ما بك يا شيخ ؟
قلت له : اصبر قليلاً .
ثم وجدت الرجل فعلاً، فأشرت إليه أن يأتي إلينا ؟
فجاء وعينيه يبدو عليهما بكاء الليل الطويل !!
فأخذته هو والتاجر بعيداً عن الناس وقلت له : يا حاج أنت كنت تبكي وتدعو طوال الليل، ما السبب ؟
قال : يا مولانا قلت لك زوجتي عندها عملية صباحاً ولا أملك المبلغ !!
قلت له : العملية كم تكلفتها ؟
قال : ( 15400 جنيه )
فصـ،ـرخ التاجر وهو يقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
وأخذه في حض.نه وبكى بكاءً شديداً !
التاجر قال لي وهو يبكي بكاءً شديداً : والله يا شيخ، زوجتي لها أسبوع وهي تقول لي : أخرج هذا المال وانزل إدفع حق ربنا ؟
كل يوم صباحاً ومساءً تقول لي هذه الكلمات ..
وأنا أقول لها : يا أم فلان، أنا لا أريد أن أخرجهم مئة مئة، ولا خمسمئة خمسمئة، أنا أريد أن أعطيها كلها لشخص واحد مضطر ومحتاج وفيه كُربة، فأفرِّج بها كربته هذه، فيفرِّج الله عني كربة يوم القيامة .
فجاء التاجر بالمبلغ كله وأعطاها للرجل، والرجل لآخر لحظة وهو غير مصدق للذي يحصل !!
وأول ما أخذ المبلغ، تركني وترك التاجر ووضع المال في حض.نه، وسجد وقال :
( أنا بحبك يا رب، أنا بحبك يا رب، وبكى بكاءً يفتّت الصخر )
فقلت في نفسي :
سبحان الله، اجتمع صدق اللجوء في الدعاء ،مع إخلاص الطلب في الصدقة، فكان ما كان .
وما الشيخ إلا سبب ساقه الله لهذا وذاك .
انتهت القصة، لكن عطايا ربِّ العالمين لا تنتهي
وملكه وسلطانه لا يزول
وما أحد وثق في الله وخذله
فأبشروا فالمعطي كريم، والكاشف قدير .
#درر_الشيخ_الدكتور_محمد_راتب_النابلسي
منقول.
الشيخ محمد الصاوي.