ما الحكمة من تكرار قوله تعالى: فبأي آلاء ربكما تكذ ,بان 31 مرة الاجابة اكثر من رائعة ..
السؤال
نرى فى القرآن الكريم تكرارا لبعض الآيات بمعنى واحد، فما هى حكمة ذلك؟
أجاب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية رحمه الله قائلاً :
ذكر الله سبحانه قوله تعالى فى سورة الرحمن {فبأى آلاء ربكما تكذبان} إحدى وثلاثين مرة والآلاء هى النعم، ومفرد الآلاء إلى مثل معى وأمعاء على بعض الأقوال اللغوية، والخطاب هنا للأنس والاجن. وهما المرادان بالأنام فى قوله تعالى فى السورة نفسها، {والأرض وضعها للأنام} كما أنهما المرادان بالثقلين فى قوله تعالى {سنفرغ لكم أيها الثقلان} وقد صرح بذلك فى قوله تعالى {يا معشر الجن والإنس} وفى قوله تعالى {خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من ڼار} والله سبحانه عَدَّد فى هذه السورة نعما كثيرة، وهذه النعم أثر من آثار قدرة الله ورحمته، وحق من له هذه القدرة ومنه هذه الرحمة أن يُعْبَد وحده ولا يُشْرَك به سواه من خلقه.
وبعض هذه النعم لا يظهر لأول وهلة وجه النعمة فيها مثل {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} ولكن بالإمعان فى النظر نجد أن فناء الخلق عند نهاية الدنيا وبقاء الله وحده من أكبر النعم، حيث يكون بعد المموت بعث وحساب وجزاء وينال أجره العادل من حرم منه فى الدنيا، ويقع العقاپ على من أفلت منه فى الدنيا، قال تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا} الأنبياء: 47.
والمؤمن بهذه الحقيقة لا تضيق نفسه إن ظلم من العباد فى الدنيا فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولا يتحسر إن وجد العاصين الظالمين ينعمون فى الدنيا أكثر مما يتنعم به المؤمنون الصالحون، لأن الله سيقول لهم يوم القيامة {أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عڈاب الهون بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون} الأحقاف: 20.
وتكرار هذه الجملة بعد كل نعمة، وعدم الاكتفاء بها مرة واحدة أسلوب من الأساليب البلاغية فى لغة العرب، وهو دليل على أن كل نعمة بذاتها كافية للإيمان بالله وتوكيد للحجة، وذلك كما تقول لمن تتابع فيه إحسانك وهو ينكره ويكفره، ألم تكن فقيرا فأغنيتك، أفتنكر هذا؟ ألم تكن خاملا فعززتك، أفتنكر هذا؟ ألم تكن ماشيا فأركبتكُ، أفتنكر هذا؟ ذكره القرطبى فى تفسيره، وروى الحاكم عن جابر قال:
اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم